اليوم وفي إحدى الحفلات قمت بتقبيل امرأتين ولأول مرة في حياتي.
لا يأخذكم الظن بعيدًا، فلم تكن قُبلة من الفم، بل كانت قُبلة على الخدين،
قُبلة عادية كما تقبِّل أصدقائك الذكور.
سـتـسـتـغـربون هذا الأمر، ولكن عندما تدركون حكايتي،
سـتـصـفـقـون جميعًا إما إعجابًا بقدرتي على كسر هذا الحاجز بيني وبين جنس الإناث،
وإما تشجيعًا لي لمساندتي على أن أكون إنسانًا طبيعيًا لا يخشي شيئًا، ولا يرهب فعلًا.
لقد قلت سابقًا إنكم سـتـسـتـغـربون حينما تعرفوا حقيقة أمري،
وكيفية نشأتي؛ فأنا ولد أكبر لثلاثة أشقاء ذكور،
لم تنجب أمي بنتًا، لذلك كانت وما زالت تتمنى أن يكون لها بنتًا.
وهذا عكس تربية أمي لنا، فلقد كانت طوال الوقت تحذرنا من التعامل مع البنات تحت أي مسمى؛
خشية أن نُصيب الأذى بهن متأثرة بما يُعرف من أفلام حول استدراج البنات،
واللعب بمشاعرهن، بل ويصل الأمر لهتك عرضهن.
فكانت الفكرة المسيطرة عند أمي "ماذا لو كانت لي بنتًا؟ هل كنت سأسمح بهذا أن يحدث لها؟"
وما تلبث أن تُجيب علينا بعدما أضمرت هذه الأسئلة في نفسها بقولها:
"اللي ما نرضاهوش على بنات الناس، ما نرضاهوش على بنتنا".
فكانت تحذرنا من الكلام مع البنات خشية أن نُعجب بهن،
وأن نُصافحهن وتثيرنا شهوة ملمس أيديهن،
-وإن لم تقل هذا صراحة لكنه كان يصل إلينا بهذا المعنى-
وألا ننظر إليهن، قائلة: "الولاد المحترمين ما يبصوش على البنات".
ناهيك عن دور الأب في هذا الموضوع….
فلقد كان يكره لعبنا مع بنات الشارع،
وكثيرًا ما يضربنا لمجرد أننا نريد اكتشاف أسرار جسد بعضنا البعض.
ولقد كانت تصل درجة التعذيب إلى إلقاء الشمع الذائب بفعل الحرارة على عضوي الذكري،
ويكأنه يبعث برسالة لي: "أليس هذا ما تريد اكتشافه؟
أنا سأخيفك منه، ومن مجرد لمسه، وهذا سيكون عقابك دائمًا إذا كررت هذا الفعل".
أي سادية هذه؟
إني أعتبرها يا سادة عملية ختان الذكور….إن عملية الختان -وبالتحديد ختان الإناث- تكون بغية إضافة الخوف من هذه المنطقة
خاصة تلك التي تمارس للبنت وهي مدركة وواعية لماهية الختان، وما يصاحبه من ألم.
إذا أخذنا غرض الختان من الأنثى، وأضفنا للذكر،
فختاني كذكر لن يكون مجرد إزالة الغطاء الجلدي لحشفة القضيب وفقط -خاصة وإن تمت للذكور على كبر-
بل يكون الغرض الأساسي هو إخافتي أيضًا من استخدام هذا العضو استخدامًا آخر غير التبول.
مع ما قُلته من تعذيب لعضوي الذكري،
فإنهم بشكل أو بآخر قد نجحوا في إرهابي،
من منع أي أحد من أن يقترب من عضوي أو محاولة استثارته.
على ما أعتقد أنكم سترون بعد كل هذا أنه من الطبيعي بالنسبة لي
-بل ومن الطبيعي جدًا- أن أتجنب النساء.
ولكني كسرت حاجز الحديث معهن منذ الثامنة عشر عامًا،
وإن وصل الأمر للمصافحة بالأيدي، وإن لم تكن المبادرة مني،
لكنها لم تصل أبدًا حد العناق والتقبيل خدًا على خد.
حاولت أن أتجاوز هذا أو أكسر هذا الحاجز أيضًا،
ولكن من طبيعة الضغوط التي تتعرض لها البنت في مجتمعنا العقيم هذا،
خُلق عندها حاجز نفسي تجاه اللمس مما يجعلهن أكثر حساسية للمس،
وأعلم هذا من صديقاتي، فكنت أخشى دائمًا أن يظنوا بي ظنًا سيئًا وأن أتحرش بهن.
لكن اليوم حدثت أكبر مفاجأة واكتشاف لي في نفس الوقت،
بعد أن قمت وانا ابن الحادية والعشرون بتقبيل صديقتين على خدهم،
وأيضًا لم تكن المبادرة مني، ولكني اكتشفت أنها مجرد قبلات لا تحمل شهوة ولا إثارة،
فهما مجرد قبلتين كما تقبل ذكورًا.
سعيد بكسري هذا الحاجز وباكتشاف هذا،
أعلم أنكم ستشعرون بالأسف تجاهي،
ولكني أدعوكم أن تفرحوا؛ لي فلقد علمت أن المرأة ليست ماس كهربائي.