احمدي ربنا إني حبيتك أصلا

احمدي ربنا إني حبيتك أصلا

"احمدي ربنا إني حبيتك أصلا"
كتير لما بـ نفكر في العنف، بـ تـتـرسم الصورة الذهنية الـلـي في دماغنا
عن راجل همجي، بـ يمارس العنف الجسدي على مراته الـلـي بـ تُعتبر الأضعف
وبـ تـتـنـوع الأسباب بين الرغبة السادية في إثبات السيطرة، أو مشاكل مادية، أو جنسية.

لكن الحدوتة الـلـي انتهت بالجملة دي كانت صورة تانية عن المهانة الـلـي ممكن تـحسها البنت
مش علشان هي بنت، واتفرض عليها إنها تكون الأضعف
لكن علشان في لحظة قد تكون قررت أو ما قررتش إنها تحب
وتمارس حقها الطبيعي جدًا في الحياة.

بطلة الحدوتة ما كانـتـش بنوتة بضفاير لسه شايلة كتبها ورايحة الدرس
بطلة الحدوتة هي طبيبة مصرية مشهورة في مجال تخصصها
لدرجة إنه اقترن بإسمها عملية جراحية معينة،
هي الوحيدة القادرة على إجرائها في منطقة الشرق الأوسط.

الطبيبة الـلـي تـخطت التلاتين، الـلـي حاولت تـتجاهل فكرة الزواج كشرط مجتمعي
كانت بـ تدفن رغبتها في الجواز لأنها وهي في مطلع العشرينات اكتشفت وجود ورم في رحمها
وساعتها كان الخيار الوحيد قدامها إنها تختار تعيش
بعد ما بـ تودع فرصتها الطبيعية جدًا، والعادلة جدًا في الحياة في مجتمع قاسي.

تـفرَّغت لدراستها، وتخصصها، وتـفوقت فيهم تفوق ملحوظ
وابتدت أبواب كتير تـتفتح ليها للحياة
وما بين محاضرات في أشهر الجامعات الأمريكية،
وبين مركزها المشهور جدًا في أحد عواصم الدول العربية
الـلـي بـ يصعَّد نجمها بقوة الصاروخ
ابتدت تشعر إن أخيرًا الحياة لسه قادرة إنها تمنحها فرحة.

وفي أحد المؤتمرات، قابلته
كان دكتور مصري عادي جدًا، بسيط جدًا، وعلى قولها "فلاح جدًا"
بالرغم من توصيفها القاسي له،
إلا إنها ما خـبـيـتـشـي إعجابها بمحاولته المستمرة في تـتبعها في المؤتمر الـلـي استمر 7 أيام على وصفها
كانوا سبع أيام من الجنة، زي فيلم نجاة وأمين الهنيدي.

ابتدت تـصحى فيها المشاعر الـلـي ما عاشـتـهـاش
ابتدت تـحِس الإحساس الـلـي قفلت عليه ورَمِتُه بمفتاحه في أعمق بير
ابتدت تـشوف إن كل الحياة الـلـي عملتها -بالرغم من امتلائها بالإنجازات العلمية-
إلا إنها كانت فاضية أوي، وساقعة أوي.

الطبيب "الفلاح" كان شايف فيها واحدة مُتوَّجة من جميع الجوانب
ناجحة، جميلة، واثقة، مشهورة
النموذج الـلـي بـ يغري بعض العقليات إنه يـكسره، أو يـقهره.

ابتدا يـلاحقها في كل مكان
ابتدا يـتـتـبـع خطواتها بشكل مستفز، ويسأل عنها في البلد العربي
نقل شغله مخصوص علشان يكون جنبها
الاهتمام التدريجي الـلـي بـ يعمل زي قطرات الميه
الـلـي بـ تنزل تـفتت الصخر
فـتـِت مقاومتها
واعترفت لنفسها بعد مرور سنة وست شهور إنها بـتحبه.

ولأن كل المشاعر الجميلة كانت متحاشة ورا سدود كتير من الخوف
أول ما سابت لنفسها العنان، كل المشاعر دي بقت زي الطوفان بعد ما اتـفـتـح الهويس
هو كان متزوج وأولاده في الجامعة
وهي عرضت عليه وضعها الصحي بلا مواربة
كل واحد تقبل التاني بكل ظروفه، أو هكذا كانوا متخيلين.

أصبحت الغربة بالنسبة لها وطن طالما هو موجود
وأصبح الوطن غربة طالما هو مش موجود
وتَعَرض لأزمة قلبية حادة، اتحملت فيها على نفقتها الخاصة تكلفة علاجه
وسفره لباريس علشان يعمل عملية قلب مفتوح، وفضلت جنبه
موحية إنها زوجته، في حين إن الزوجة الحقيقية موجودة في مكان تاني على الخريطة
وما عِرفِـتـش عن كل المشهد ده غير إنه في مهمة علمية.

وفي مرحلة العلاج، اتعرض لقرحة الفراش
فـكانت بـ تُـصر إنها تقوم بـ تـنـضـيـفـه بنفسها، وتطهر مكان الجروح
وبـ ترفض إن أي حد في المستشفى يـقوم بده
كانت بـ تحس إنه الابن الـلـي ما خلفتوش
وكان هو ممتن ليها، أو هكذا خُيِل لها.

بعد تعافيه من المرض، كانت بـ تـنـتـظـر منه ولا حاجة
غير طبطة، أو قبلة على الجبين
إحساس الطمأنينة الـلـي مش محتاجة أكتر منه
وعشمت نفسها إنه هـ يفاتحها في الزواج
لكن مفيش حاجة من اللي تخيلته أو اتعشمت فيها حصلت

ولما طلبتها منه صراحة، طلب منها إنها تـستنى عليه
لأن بنته على وش جواز
وانكشاف علاقته بيها في التوقيت ده كفيل إنه يدمر بنت مالهاش أي ذنب في علاقتهم
واستغربت من روحها إنها بـ تـلـتـمـس ليه العذر
وبـ تستلف دماغه تفكر بيها
مع إن مفيش حاجة كان بـ يقولها أو بـ يعلمها منطقية.

ورجع الورم يضرب في جزء جديد من جسمها مرة تانية
ولأنها طبيبة، فبحكم عملها قدرت تكتم على الموضوع
لكن عيلتها عرفت أنها بـ تاخد علاج، وهـ تعمل عملية استئصال.

كانت متماكسة جدًا، والتبس عليها دور الطبيب الـلـي بـ يطمن الأهل
وبين وضعها هي شخصيًا، إنها مريضة على التروللي، وداخلة العمليات
اتعودت لفترة طويلة من الزمن إنها تـدفن إحساسها جواها
لدرجة إنها وهي راقدة على التروللي،
اتسرق منها حتى إحساس الخوف الـلـي ممكن تحسه في موقف زي ده.

بس لما شافته داخل عليها قبل ما تخش أوضة العمليات
ساعتها، كانت قادرة تـتعرى
اتعرت من أقنعتها، وأسلحتها، وميكانيزمات الدفاع الـلـي سجنت نفسها وراها
واتفتحت في العياط
وساعتها مامتها قرَّبت منها، وقالت لها: "أنتِ بـ تحبيه؟
محدش بـ يـعـيـط أوي غير قدام الـلـي بـ يحبه أوي".

ودخلت العمليات، وطلعت
وابتدا مش بس مشوار التعافي، لكن ابتدا مشوار تاني
من توقع الأهل إن الشخص الغريب الـلـي بنتهم الدكتورة بكت في حضرته
يظهر، أو يتواجد، أو يعلن عن نفسه.

أول ما تـعافت، رجعت للبلد العربي الـلـي فيه شغلها، والرجل الـلـي بـ تحبه
وطلبت منه بشكل واضح إن ارتباطهم يكون واضح ورسمي
على الأقل قدام عيلتها من باب الإعلان والإشهار
وساعتها رد عليها بالجملة دي:
"احمدي ربنا إني خليتك تعيشي الحب وأنتِ في السن ده، وأنتِ بالظروف دي"
واختفى.

وساب جوا منها إحساس هي نفسها وصفته لما قالت:
"أنا زعلانة أوي، لأني حسيت إني رخيصة أوي"

العنف مش لازم يعلِّم على الجسم
في جروح تانية بـ تعمل شروخ في الروح، صعب التعافي منها.

x
تنويه القصص الموجودة على هذا الموقع قد تسبب للبعض شعور بعدم الارتياح أو الألم. في حالة شعورك بذلك، تذكر أن تتنفس، وأن تأخذ بعض الوقت مع ذاتك قبل مواصلة القراءة، أو بالتوقف عن القراءة إذا استدعى الأمر