عمر ما كان عندي مشكلة مع رجلي الحديد
المشكلة كانت عند الناس، في عيونهم، وكلامهم
ومصمصة شفايفهم وهم بـ يشوفوني بـ تعكز على عصايتي
أقدم خطوة، وأبطأ في التانية، وانا بـ جرها معايا.
وفي يوم كنت راجعة من الشغل
والجو كان ساقعة جدًا، والمطرة ما بـ تبطلش
وقفت على المحطة أستنى أي حاجة أركبها
والناس جنبي متكتكة زيي، ومفيش أي حاجة بـ تيجي
لغاية ما جه أتوبيس نقل عام، هجموا الناس عليه
وانا اضطريت أركبه، ما قدرتش أستنى أكتر من كده.
كانت عملية ركوبه صعبة، ولاقيت نفسي واقفة في الزحمة.
كان كل شوية الأتوبيس يقف
ويركب ناس تانية، لغاية ما اتملا على آخره.
وقف ورايا واحد، كأنه أَتَب طالع لي في ضهري،
مش عايز يتزحزح، ورجله كانت بـ تزق رجلي الحديد لقدام.
حسيت إني هـ قع، لولا إني ماسكة في عصايتي بقوة،
ومحدش كان عنده دم يقوم من مكانه ويقعدني.
ما بقيتش عارفة أتصرف إزاي معاه، فـ زعقت فيه:
"وسع شوية لو سمحت، ما ينفعش كده"
"أنتِ شايفة فيه مكان يا أمورة؟"، وراح غمز لي بعينيه
وهو بـ يقول لي: "وأدينا بـ ندفي بعض"
ما فهمتش يقصد إيه، فـ رديت عليه:
"إيه الكلام الـلـي أنت بـ تقوله ده؟"
"بـ قول لك إيه، مش عاجبك الزحمة
انزلي، خدي لك تاكسِي، ما تـ تنطتيش علينا والنبي".
ست قاعدة قدامي، قالت لي:
"ما تـهمدي بقى يا أختي
ما أنتِ شايفة الزحمة الـلـي إحنا فيها
هـ يعملك إيه الراجل يعني؟ ولا هو كُهن بنات وخلاص؟"
"إيه الكلام ده يا ست أنتِ؟ هو أنتِ مش شايفة هو لازق فيا إزاي؟"
حد تاني اتطوع يرد: "خلاص بقى يا بنتي، كلها دقايق وتنزلي
استحملي الزحمة، ما هو كلنا أهو مستحملين
والراجل واقف في حاله أهو".
شاب مربي دقنه خفيف، بص لي بقرف، وقال لي:
"إيه الـلـي ينزلك ويبهدلك في المواصلات
وتـتـزنـقي في الرجالة، وبعدين تـشتكي؟
ما تقعدوا فى بيوتكم أحسن، ستات عايزة الحرق"
سِكِت وانا متغاظة من كل الموجودين
والراجل الـلـي ورايا مستمر في لزقته
قررت وقتها أنزل، وإن شالله آخدها مشي لغاية بيتنا.
وانا نازلة، جسمي كان بـ يعدي على كل الـلـي واقف،
من غير ما حد فيهم يتحرك أو يوسع،
كأنهم كانوا عايزين جسمي يسلم عليهم نفر نفر.
أخيرًا نزلت، أخدت نفسي
وابتديت أتحرك، أشوف هـ عمل إيه
لاقيت بنت صغيرة جاية من ورايا بـ تقوا لي:
"هدومك من ورا مبلولة يا أبلة"
وقفت أشوف لبسي، لاقيت هدومي مبلولة من ناحية رجلي الحديد.
وكانت صدمتي الكبيرة، إزاي قدر يعمل كده فيا؟
من كتر هيجانه ما كانش حاسس إنه الـلـي لازق فيها
وعمل عملته فيها، هي حتة حديدة، مش بـ تحس.
وإزاي ما خافش حد يشوفه وهو معري جزء من جسمه؟
ولا شافوه وطنشوا؟ وقعدوا يضحكوا؟
ويمكن كانوا عايزين يشاركوه؟
ولا كان فاكر إني مبسوطة ومتكيفة بلزقته دي؟
وقفت أعيط من قهرتي، مش عارفة أعمل إيه
حسيت إني عريانة في وسط الشارع
بعد شوية المطر وقف، وانا كمان بطلت أعيط
كان معايا إزازة ميه، فتحتها
وفضلت أغرق رجلي الحديد بالميا، أنضفها من الـلـي حصل
هدومي كلها اتبلت، والهوا بدأ يشد تاني.
لاقيت ست عجوزة بـ تطبط على كتفي، وبـ تقول:
"في إيه يا بنتي؟ بـ تعملي كده ليه في نفسك؟
كده هـ تاخدي برد"
رديت عليها: "ما تقلقيش يا حاجة
مش هـ حس ببرد ولا بحر
أصل أنا رجلي رجل حديد، مش بـ تحس بحاجة".