حفلة مجانية

حفلة مجانية

دائمًا ما بعث ذلك البيت الريفي العتيق داخلي شعورًا عميقًا بالرهبة
لم تكن تلك الرهبة فقط بسبب الأساطير التي نسجناها حوله
بل كانت أيضًا بسبب ذلك المشهد المروع
الذي رأيته خلسة في ساحة ذلك المنزل
ذلك المشهد الذي ظل مطبوعًا بذاكرتي لأعوام طويلة
ولم أستطع التخلص منه حتى اليوم.

كانت صاحبة ذلك المنزل داية مهيبة الطلعة
على شدة نحولها، دأبت على ممارسة المهنة لمدة خمسين عامًا
بلا انقطاع، حتى تربعت على عرشها بلا منافس
حتى ابنتها حمدية، ذات البشرة البنية اللامعة
لم تستطع اقصائها عن عرشها، فـاكتفت بالعمل كساعد أيمن لها.

مع ذلك، فإن شهرتها كداية لم تكن السبب الرئيسي
في كل ما نسجناه حولها من أساطير طفولية
بل كانت عمليات الختان واسعة النطاق
التي اعتادت على اجرائها في ساحة ذلك المنزل
هي الدافع الرئيسي لذلك الرعب الدفين
في قلب كل فتاة مرت يوماً بجوار ذلك المنزل.

كان بيتها ملاصقًا لبيت جدتي
وكان ذلك سببًا كافيًا لحرماننا من الصعود إلى سطح البيت
حتى لا يتسنى لنا مشاهدة ما يدور في ساحة البيت المجاور
فقط ابن عمتي استطاع تحدي ذلك الغموض
بعد أن نجح في التسلل إلى السطح مرات قليلة
حصل بعدها على علقة ساخنة
ومع ذلك، فلم تتوقف روحه المتمردة أبدًا عن إعادة المحاولة
حتى أصبح خبيرًا في طرق التسلل إلى ذلك السطح المحرم.

جذبني يومًا من يدي، وجر أختي خلفنا إلى السطح
بينما كانت جدتي تصلي العصر
قال أنه سيرينا شيئًا بمليون جنيه
صعدنا معه إلى السطح
واقتربنا من الحائط الذي يفصل بين بيت جدتي وبيت نفيسة الداية.

كانت نفيسة تقف هناك بجوار امرأة متينة البنيان
وبالقرب منها وقفت حمدية، تحمل إناءًا به ماء شديد السخونة
بجوارها، وقف زوجها يحمل سكينًا، وحجًرا
يبدو أنه يُستخدم لسن السكاكين.

على الكنبة المقابلة لنا، كانت هناك فتاة
في حوالي التاسعة أو العاشرة، ترتعش بشكل هستيري
قال ابن عمتي أنهم يجهزون الآن لعملية ختان
وأن تلك الفتاة، زميلته في المدرسة
أما السيدة متينة البنيان فهي أمها
انتابني فزع هائل، لكن فضولي أجبرني على الاستمرار في المشاهدة.

لم تمض دقائق، حتى اتجهت كلاً من نفيسة، وحمدية، ووالدة الفتاة إليها
ألقتها أمها على الكنبة، وكتفت ذراعيها
بينما باعدت حمدية بين ساقيها
وسط مقاومة، وصراخ الفتاة
لتقترب نفيسة بسكينها الحامية
كانت صرخات الفتاة لا تُحتمل
وكانت ساقيها بمواجهتي
كان بإمكاني أن أرى كل شيء بوضوح تام.

بدأت نفيسة عملها، وعلا صراخ الفتاة
ثم أصدرت حشرجة متقطعة، وتوقفت فجأة عن الصراخ
بينما كان شلالاً من الدماء يتفجر هناك
لم تستطع قدماي حملي، اعتقدت أن الفتاة ماتت من الألم
سقطت بقرب الحائط أرتعش، وعلا صوتي بالبكاء
بينما وقفت أختي متسمرة في مكانها، تنظر أمامها بذهول
جذبني ابن عمتي من يدي لأنهض، وشدني باتجاه السلم هامساً:
"يخرب بيتك، هـ تفضحينا".

استطعنا الإفلات قبل أن ترانا جدتي
وكانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي أري فيها ذلك السطح
ومع ذلك، فمازلت أتذكر كل تفاصيله بوضوح.

x
تنويه القصص الموجودة على هذا الموقع قد تسبب للبعض شعور بعدم الارتياح أو الألم. في حالة شعورك بذلك، تذكر أن تتنفس، وأن تأخذ بعض الوقت مع ذاتك قبل مواصلة القراءة، أو بالتوقف عن القراءة إذا استدعى الأمر