خضرة

أنا عايزة أتكلم واصرخ صرخة تصحي الناس كلها …

اسمي خضرة، وعندي 33 سنة، ومعايا الابتدائية
لكن ما أعرفش ولا أقرأ ولا أكتب
أمى وأبويا ماتوا، عندى 3 أولاد، بسمة، ودنيا، وعمرو
وجوزى اتوفى .

اتجوزت من 17 سنة
جوزي كان بـ يشتغل على عربية فول
أول مرة شفته، كنت أنا ومرات أخويا بـ نملا ميه
جه ووقف ورا مرات أخويا وهي موطية
قولت له يبعد، ما بعدش
وقال: "مش ماشي، أصل الحلو حلو"
روحت ضارباه بلوح خشب وجريت.

أبويا كان معلمني أدافع عن نفسي، عشان الحتة بتاعتنا وحشة
وهو كان راجل كبير في السن
بعد ما ضربته صمم يـتجوزني
أنا ما كـنـتـش بحبه في الأول
لكن أبويا قال: "جواز البنت سترة".

قعدنا في أوضة في بيت والدته
سلفتي في أوضة، وأنا في أوضة، في شقة واحدة
ظروفنا كانت صعبة
وقعدت 11 سنة أغسل الغسيل على إيديا
من حوالي 8 سنين، ريحة بُقه ابتدت تبقى منتنة
وبقى عنده إسهال خفيف، يروح ويـيجي عليه
روحنا لدكاترة كتير، بس محدش عرف عنده إيه
دكتور صغير في شارع المحطة في الجيزة هو الـلـي عرف المرض
جوزي ما صدقهوش، قال لي: "الدكتور الأهبل بـ يقول لي عندي الإيدز".

كل الـلـي أعرفه عن المرض، إني كنت بـ سمعهم في التلفزيون
بـ يقولوا: "احترس من الإيدز، احترس من الإيدز"
حسيت إنه حاجة خطيرة بس، احترس ... احترس
وما يقولوش طب إيه أعراضه؟ بـ يتنقل للبني آدمين إزاي؟ ولا أي حاجة.
لما جوزي قال لي كده، حسيت بخوف فظيع على العيال
ممكن يـ تنقل لهم؟

بعدها جوزي بقى بـ يتصرف تصرفات جنونية
وبقى عنيف معايا
بدأ يضربني، ويعاشرني أكتر من الطبيعي بالعافية
وخصوصًا من الخلف، وكنت بـ نزف من الخلف
واقول له: "مش عاوزة"، فـ يرفض، ويقول: "أنا بـ تمزج منه"
كان بـ ياخد مقويات، وواحدة واحدة كل المعاشرة بقت من ورا
وبالضرب والإهانة ... قعد كده حوالي سنة.
وبعدها بدأ يخف خالص، وبقى ضعيف أوي
وكأنه كبر ميت سنة.

الدكتور بتاع الجيزة كان قال له يروح المعامل المركزية
هو ما راحش غير بعدها بسنة، لما ضعف على الآخر خالص
وريحة بقه كانت زي الكلب الميت
وحتى الأولاد ما كانوش بـ يخلوه يـ بوسهم.

لما راح المعامل يحلل، ساعة النتيجة قالوا له يروح الوزارة الدور السابع
فـ قال لي ده الدور بتاع السرطان، وإنه لما راح هناك قالوا له:
"أنت عندك سرطان، هات مراتك وأولادك
وتعالى عشان نـ تأكد هـم عندهم هـم كمان ولا لا".

روحنا في نفس اليوم حللنا
الشخص في المعمل أخد مني التحليل
وهو حاطط كمامة على وشه، ولابس جوانتي
ومحدش قعد معانا قبل التحليل، وما كناش فاهمين حاجة
سمعتهم بـ يقولوا "إتش آي في"
سألت دكتور ماشي في الطرقة: "إيه معناه ده؟"
فقال لي: "يعني أمراض خبيثة".

الدكتور كانت عينيه مرغرغة بالدموع
وسألني: "أنتِ عارفة جوزك عنده إيه؟"
قولت له: "إيه؟"
قال لي: "عنده الإيدز"
"اتنقل لي أنا كمان؟ حتى لو جالي الحمد لله على كل شئ".
ولما عرفت إن الأولاد ما فيهومش حاجة
نزلت على الأرض بوستها، وحمدت ربنا
الدكتور قال لي: "تحبي تـتطلقي يا خضرة؟"
قولت: "طب وأولادي؟
لا، خلاص خلينا كده
يا أنا أدفنه، يا هو يدفني"
الكلام ده كان من حوالي 3 أو 4 سنين.

جوزي بدأ يتعب خالص، وكمان عقله تعب شوية
كان بـ ياخذ حاجات العيال، ويـخبيها لنفسه
وكان بـ يعمل على نفسه إسهال
ولما أزعق له، زي الأطفال، يرد زي الأطفال
"إنه ما لحقش"، أو"مش هـ يعمل كده تاني"
ما كانش في ساعتها علاج، وكان بـ ياخذ مسكنات
ومضاد حيوي، بس ما عملش حاجة.

أخوه كان بـ يديله موبايلات مسروقة يـبيعها
وفي مرة اتمسك، وحجزوه في قسم العمرانية
طلب من أخوه خمسين جنيه عشان يدفعها رشوة عشان يـ طلعوه
لكن أخوه رفض.

كنت بـ سال عليه في القسم
بعد أسبوعين قالوا لي إنه على طول نايم في الحمام جوا،
وحرق هدومه، وعريان ملط
حاولت أخش القسم بأي طريقة، بس ما عرفتش
أمناء الشرطة كانوا بـ يبصوا لي بصة مش كويسة
واحد قال لي: "تعالي معايا الأوضة دي عشان نـتفاهم
وتخشي لجوزك"
كانوا عاوزين غرض مني
روحت قلت لهم: "أنا عندي الإيدز، وجوزي كمان عنده الإيدز
عاوزين غرض مني برضه؟"
فقال لي: "امشي، امشي أحسن هـ حبسك زيه"
وبعد شهرين جوزي مات.

أخواتي قطعوا الزيارات، وبعدوا عني أول ما عرفوا
ولما أروح لهم، المقابلة بقت مش هي، والمعاملة مش هي
يعني مش بـ يرحبوا بينا، وما بـ يسلموش بإيدهم
أمي بس الـلـي كانت بـ تجيلي
بس حتى هي، كوباية الميه لازم أغسلها قدامها عشان ترضى تشرب فيها.

أنا فضلت أروح لاخواتي، وآخد لهم كتب عشان أوعيهم
كنت متغاظة إنهم خايفين مني
وعارفة إني لما بـ روح بـ ضايقهم
هـم خايفين مني ليه؟

الجيران بعضهم بس الـلـي عرف
ومنهم ناس اتـجـنـبـتـنـي أساسًا
عشان خايفين من العدوى
والأولاد حالتهم النفسية متدمرة
مضطرين يـخبوا في المدرسة
ولو أنا جيت اتكلم عن الإيدز، بسمة بنتي بـ تكتم بوقي.

أنا بـ تكلم عن المرض عشان أوعي الناس
وعشان الناس تـحس باللي فينا.

حمايا كان كويس، وسجل الشقة الـلـي احنا فيها تمليك بإسم العيال
واتنازل لي عن الولاية على العيال
وحط 6 آلاف جنيه في البوسطة للعيال
المشكلة إن البيت فيه سِلفي، وأخوه، وأخت جوزي
وبعد حمايا ما مات، كلهم كانوا متفقين عاوزين يخرجوني من البيت.

بـ خاف أروح لدكاترة من ساعة الـلـي حصل لي في الحميات
كان جالي إسهال وقيء، فروحت حميات العباسية، وكان يوم أسود
الممرضة كانت بـ تديني الحقنة، وهي خايفة ومرعوبة مني
وبعدها قالت لي: "امسكي الفرش ده كله واغسليه"
ادتني رابسو وغسلته، قعدت أغسل لحد المغرب
وخلتني أمسح أوضتي، وأوضة أحمد زميلي
ولما رجع اتقيأ، قالت لي: "خشي نضفيه، أنتِ مريضة زيك زيه
إن شاء الله تـموتوا ونستريح منكم".

المستشفيات كلها كده
مرة روحت لدكتور أمراض صدر، لأن عندي حساسية في صدري
ولما قلت له: "أنا عندي الإيدز"، اترعب
كأني عزرائيل قدامه، ورفض يكشف عليا
وخلى التمرجية يطلعوني برا، وكتب لي على دوا من غير كشف.


أهل جوزي تاعبني، بـ يتعدوا عليا
ومسلطين ولادهم الشباب عليا أنا وولادي في الطلعة والدخلة
وبـ يقولوا إني عندي الإيدز عشان ماشية بطال
وفاتحة بيتي دعارة.
عملت لهم كذا محضر عدم تعرض، ومفيش فايدة
ولما روحت القسم أشتكيهم، أخو جوزي جه ورايا، وعمل هُليلة
وقال دي مريضة بالإيدز
فأمين الشرطة سحبني من كتفي، وحبسني
وكان معايا العيال، حبسهم معايا
دفعت رشاوي عشان أطلع.

ومرة وانا طالعة على السلم، اتكاتروا عليا
ومسكوني، وكتفوني
وجابوا لي ورقة بيضا عشان أمضي على تنازل عن الشقة
ضربوني بعصاية، وكمان جرحوني بمشارط
وشتيمة وبهدلة
ما سابونـيـش إلا لما بدأت أرش عليهم الدم اللي سايل مني
ساعتها بس خافوا على نفسهم، وسابوني.

أنا عايزة أتكلم وأصرخ صرخة تصحي الناس كلها.

x
تنويه القصص الموجودة على هذا الموقع قد تسبب للبعض شعور بعدم الارتياح أو الألم. في حالة شعورك بذلك، تذكر أن تتنفس، وأن تأخذ بعض الوقت مع ذاتك قبل مواصلة القراءة، أو بالتوقف عن القراءة إذا استدعى الأمر