تييت

أنا ندمانة جدا على كل مرة سمعت فيها كلامكم واستسلمت لكل الـلـي بـ تسموه "تقاليد" و"عيب" و"ما يصحش"، وساعات كمان "حرام".
ندمانة إني سبتكم تقنعوني بأنى ما أقولش ألفاظ تخدش حياء أو تصدم

لأ، ما كـنـتـش في مسيرة ٨ يونيو مع الستات الـلـي نزلوا يعترضوا على التحرش
مفيش إيد اتمدت على جزء من جسمي يومها، ولا حسيت بأي جسم بـ يلمس جسمي في شهوة حيوانية.
ولا سمعت كلام يـمنعني من النوم والأكل أيام.

ما كـنـتـش موجودة يومها، لكن كنت موجودة في كل يوم تاني
في كل مرة أنزل فيها الشارع وأحس بنظراتهم أو أترقب أي محاولة منهم لـلَـمـسـي بأي طريقة
في كل مرة حسيت بيهم وانا بـ فتح دولاب هدومي، لينتهي بيا الحال بـ ختار لبس يقدر يخفي كل معالم أنوثـتـي
في كل مرة وقفت قدام المراية عند سلم العمارة عشان أتأكد إنه مش باين مني ولا صدر ولا مؤخرة.

كنت هناك لما بدأت التعليقات تزداد سوأ وتتحول من "يا عسل" إلى "عايز أدخله"!
كنت هناك لما سكت الكل فتخيلت إن أنا لوحدي اللي اتعرضت لده.
فكرهت كل جزء فيا، كرهت جسمى وأنوثتى وحياتى ...

كنت هناك لما حكت لى صديقة عن موقف مشابه وحكت صديقة أخرى وبعدها صديقة أخرى ... وهكذا اكتشفت إنى مش لوحدى …
لحد ما لاقيت إن مفيش بنت واحدة أعرفها ما اتعرضتش لتحرش.

كنت موجودة وقت ما كان التحرش مالوش اسم … وانا ما كنتش بدور له علي اسم. كنت بس بدور علي طريقة أنساه بيها.

كنت بشوف كتير غيري بـ يتعرضوا لحوادث تحرش بتهز حياتهم وتغيرها، ولا الابتسامة بتفضل هي هي ولا الضحكة بتفضل هي هي. كنت موجودة لما بنات كتير من جيلي قرروا عدم المشي في الشارع نهائيا وللأبد.

كنت هناك وقت أحداث محمد محمود … مش قادرة أنسي إحساسي لما إيد لمستني من ورا … كنا بنجري من الغاز والرصاص وفجأة اندفعت أنا ومجموعة تجاه باب الجامعة الأمريكية، الباب كان مقفول وكان فيه متظاهرين تانين فى طريقهم للاندفاع تجاهه ...
وفى وسط الصريخ والضرب والقتل والنار والغاز، حسيت بشخص بـ يحاول قتل جزء منى ... ما عرفتش هو مين، وما قدرتش حتي أمد إيدي
أمسك بيها إيده … محدش سمع صريخي لأني ما صرختش

ولما اتكرر نفس الموقف بحذافيره في مظاهرات مجلس الوزراء قررت النزول للميدان ومعايا سكينة صغيرة (swiss knife)، تحسبا ... فضلت في إيدى ورا ظهرى ...
وما قلتش لحد خجلا من لجوئى للعنف ...

وبعد اللي حصل للبنات في وقفتهم ضد التحرش الجنسي، انفجر جوايا
بركان من الغضب والألم. الواقع بيزيد قبح وسفالة، وانتم لسه بتقولوا: "عيب"، و"ما يصحش"، و"مش وقته"!

كنت بتكسف وانا رايحة التحرير شايلة سكينة، وكأني برتكب جريمة. لكن أنا دلوقتي مش مكسوفة أقول إني مستعدة أقطع أي إيد تحاول تلمسني …

مجتمع "العيب" والـ "ما يصحش" مش هـ يتكفل بعلاجى النفسى والجنسى من الاعتداءات دي، ورجال الدين مش هـ يتوسطوا لى عند ربنا عشان يدخلنى الجنة أو يدينى ثواب على سكاتى!

هروبكم من الواقع وانكاركم له كان يثير اشمئزازى ... لكنه حاليا بـ يقتلنى ...
إيه؟ مش وقته؟؟ مش وقته إنى أتكلم فى شىء بيعوقنى عن ممارسة حياتى اليومية؟! معاك حق هو فعلا مش وقته لازم كلنا نركز فى الثورة! بس طالما كده بقى فانا كأنثى مش هـ نزل أروح الشغل ولا هـ نزل أتظاهر ولا هـ قف جنبك فى التحرير ولا هـ نزل أجيب طلبات البيت ... انزلوا انتوا بقى!

x
تنويه القصص الموجودة على هذا الموقع قد تسبب للبعض شعور بعدم الارتياح أو الألم. في حالة شعورك بذلك، تذكر أن تتنفس، وأن تأخذ بعض الوقت مع ذاتك قبل مواصلة القراءة، أو بالتوقف عن القراءة إذا استدعى الأمر