كنت بـ راقبها دايمًا من شباك أوضة الكشف في المستشفى الحكومي الـلـي بـ اشتغل فيها
اسمها سكرة، صغيرة، تديها 13 سنة بالكتير.
أول ما العربيات تقف في الإشارة، تمسك الفوطة الصفراء
تمسح بإيد، والإيد التانية ماسكة مناديل
وبصوتها العالي تنده: "مناديل يا بيه، مناديل يا باشا
مناديل يا هانم، هـ خليلك الإزاز يضوي
تروح وترجع بألف سلامة يا باشا".
كان حواليها دايمًا بنات وولاد كتير شبهها
وقطط كتير طول اليوم، وكانت بـ تشاركهم لقمتها القليلة
والمكان الـلـي واقفة فيه اتسمى باسمها
فـ بقت معروفة فى الشارع للرايح والـلـي جي.
وفي يوم، اختفت سكرة، ومحدش بقى عارف هي راحت فين
ويوم جاب شهر، والشهر جاب شهور
لحد ما جه اليوم المشئوم الـلـي شوفتها فيه تاني.
كنت نابتشية في المستشفى لما سمعت زعيق وخناقة فى الاستقبال
خرجت من مكتبي بسرعة، لاقيت سكرة على الأرض، وبـ تصرخ من الوجع
"الحقوني، أنا بـ ولد، هـ موت الحقوني"
والممرضات بـ يزعقوا لها، وعايزين يطردوها برا المستشفى.
مسكتها، وقعدت ازعق: "مش هـ تمشي من هنا
هـ تروح فين كده؟ هـ تموت".
صوتنا العالي خلى الدكتور خالد يـيجي من مكتبه
جريت عليه استعطفه إنه يوافق على دخولها
بص لي بقرف، وقال لي:
"أنتِ تعرفي الأشكال دي منين يا دكتورة؟
الـلـي زي دي ممكن تجيب لنا مصيبة
أنتِ مش شايفة إنها قاصر ولا إيه؟
بـ قولك إيه؟ أنا مش ناقص سين وجيم
لو هـ تدخل هـ تبقى على مسؤليتك أنتِ، وتمضي على كده
يا إما تغور تولد في الشارع زي ما حملت من الشارع".
مضيت له على الأوراق، ودخلت معاها أوضة العمليات
وهي ماسكة في إيدي، وبـ تعيط من الألم.
دخل علينا دكتور خالد وسألها:
"أنتِ متجوزة يا بت؟"
سكرة ما ردتش
كرر عليها السؤال، وهي برضه ما ردتش
وبمنتهى القسوة الـلـي شوفتها في حياتي، قال لها:
"طبعًا، هي الأشكال دي تعرف حاجة اسمها جواز
يالا يالا، افتحي رجلك يا حيوانة"
من صدمتي ما عرفتش أرد
ما عرفتش أدافع عنها.
بعد ما اطمنت عليها وعلى بنتها
روُّحت ليلتها وفي دماغى أسئلة كتير عننا، وعن الـلـي شبه سكرة
لغايه ما رجلي وديتني لمكانها الـلـي كنت دايمًا بـ راقبها فيه
شوفت قططها، والولاد الـلـي شبهها لسه بـ ينضفوا العربيات، وبـ يبيعوا المناديل
ولاقيت بنت تانية شبهها، واقفة فى وسط الشارع بـ تنادى
"مناديل يا بيه، مناديل يا باشا
مناديل يا هانم".