أنا جاية من عيلة محافظة، وتقليدية، وإلى حدٍ ما غنية،
ورأس مالية، بـ تقدر حقوق الست في التعليم، والشغل،
وإنها يكون ليها حياة مهنية، لكن كل ده بشرط إنها تكون تحت عينيهم.
ولو الموضوع متعلق بالجواز، لازم يكونوا موافقين، ومتحكمين فيه تمامًا.
التقاليد في عيلتي بـ تقول إن البنات ممنوع يصاحبوا،
أو حتى يتعاملوا مع زمايلهم الولاد، إلا لو في ظروف ضرورية جدًا.
مش المفروض يتصلوا بيا عالبيت، أو نخرج مع بعض حتى في مجموعات.
كنت مقتنعة بده أول سنتين في الكلية، بس بعد كده اكتشفت إن ده مش منطقي،
ومالوش أي علاقة بالتدين زي ما أهلي فهموني.
أنت شخص كويس طول ما أنت ماشي على النظام، غير كده، فلأ.
هم ماشيين بقانون يا إما كله، يا إما ولا حاجة خالص.
أبويا راجل أعمال ناجح، قضَّى حياته كلها بـ يشتغل، أكيد عشان يخلي حياتنا أحسن،
لكن عمر ما ربطته علاقة قوية بيا أو بأخويا.
وماما ست بيت تقليدية، شاغلها حاجات زي إن شكلنا يكون حلو، وبـ ناكل كويس،
بس هي معزولة عن العالم الخارجي، وتقليدية جدًا، ومش بـ تقبل أي أفكار جديدة.
بسام جي من عيلة متحررة، متقبلة لفكرة إن كل إنسان له حق الاختيار،
وبـ تدعم اختيارات غيرها، وبـ تقبل الاختلافات.
عيلة جاية من الطبقة المتوسطة، ومشغولة بإنها تعلم ولادها أحسن تعليم،
وتديهم أكبر دعم ممكن عشان يتوفر لهم فرص كويسة في المستقبل.
عمرهم ما قلقوا من الفلوس، كانوا مهتمين بس يربوا عيالهم بلطف،
من غير ما يكونوا حازمين أكتر من اللازم عليهم.
أنا وبسام اتقابلنا في كلية الطب، قعدنا سنة صحاب بس.
ولاقينا إننا عندنا اهتمامات مشتركة كتير، خصوصًا الاهتمامات الثقافية،
بس في نفس الوقت كنا مختلفين. أنا كنت محافظة ومترددة إني أقرب منه،
وكنت مقيدة بالتقاليد الـلـي اتزرعت في عقلي الباطن.
كان صعب عليا أواجه شجاعة بسام، ومحاولاته المستمرة في إنه يكسر القيود دي.
بعد سنة من معرفتنا لبعض، والـلـي فيها شاركنا بعض حاجات كتير،
واتخانقنا كتير بسبب اختلافاتنا، بدأنا نحس بحاجات تجاه بعض.
اتكلمنا بصراحة، وقررنا ندي نفسنا فرصة عشان نشوف لو نقدر نعدي اختلافاتنا دي،
ونركز على الحاجات الـلـي بتقربنا من بعض.
بسام حكى لي كل حاجة عن نفسه وعن عيلته،
وكان بـ يفكر إنه عمره ما هـ يوفر لي الاحتياجات المادية الـلـي أهلي هـ يطلبوها منه،
زي شقة كبيرة، وخاتم ألماظ غالي جدًا.
هو وأهله مش هـ يقدروا يجيبوا حاجات زي دي.
بس قال لي إنه هـ يعمل الـلـي يقدر عليه عشان يوفر احتياجاتنا الأساسية.
هو كان مؤمن إننا نقدر نبدأ سوا، ونبني مستقبلنا مع بعض.
ده كل الـلـي اتمنيته إن يكون لي زوج لا غني ولا تقليدي، ويحترم طموحي وشغلي.
لاقيت معاه الأمان والوضوح.
عمري ما حسيت إني بدَّعي، أو بفكر أنا محتاجة أعمل أو أقول إيه؛ عشان أخليه مبسوط.
حَبني زي ما أنا، وأنا كمان حبيته، من غير أي أقنعة أو كدب أو خوف.
بعد ما اتخرجنا على طول بسام اتقدم لي، وأهلي رفضوا.
رفضوا حتى يقابلوه عشان كان أصغر مني، ومش غني، وما عندوش وظيفة ثابتة،
وكنا كمان مخططين إننا نتجوز بعد سنتين.
عيلتي بـ ترفض إن فترة الخطوبة تزيد عن ست شهور.
بس فوق كل ده، إحنا كنا بنحب بعض، وده كان كافي عشان يرفضوا.
اتخانقت مع أهلي، كنت حاسة إني من حقي أتخطب،
على الأقل حتى يقابلوه الأول وبعدين يقرروا.
بس هم رفضوا تمامًا، وبابا قال لي جملة قاطعة:
لو ما بطلتش أتكلم مع بسام، هـ يقعدني من شغلي في المستشفى.
أمي اتعاملت مع الموضوع بهستيرية، قعدت تعيط وتصرخ.
بس أنا وبسام فضلنا سوا، بالذات عشان أهله كانوا بـ يدعمونا.
كانوا شايفين إننا بالغين ومسؤولين عن حياتنا.
عشان كده حددنا لنفسنا سنة نشتغل فيها، ونحاول نكون مستقلين ماديًا.
قعدنا بعد كده سنتين كاملين بـ نشتغل جامد،
وبقينا مستقلين ماديًا، ونقدر ناخد قراراتنا بنفسنا.
ووصلنا لمرحلة لازم نواجه فيها أهلي.
قولت لهم إني لسه عايزة أتجوز بسام، بس المرة دي مش عايزة منهم حاجة.
أنا قادرة أعيش لوحدي وأكون مستقلة، وبسام بقى خلاص جاهز للجواز، ومش هـ ياخد منهم ولا مليم.
أهلي برضه رفضوا الفكرة، وحتى أخويا الـلـي كان الأول في صفي بقى ضدي.
باقي قرايبي وصحابي القدام اتصرفوا بنفس الشكل.
كانوا شايفين إن طول ما أبويا بـ يقول "لأ"، لازم أطيعه.
مفيش غير صحاب الكلية، وشوية من ولاد خالاتي الـلـي أيدوني.
وفي يوم، بابا خلَّى واحد من قرايبنا يقول لبسام إنه عايزه يروح له مكتبه،
وأنا فكرت إن دي بداية كويسة،
بس بابا طلع كان جايب بسام عشان يهزقه، ويستهين بيه.
هاجم أي حاجة بسام كان بـ يقولها،
وبسام حاول يشرحله قد إيه إحنا بنحب بعض، وإزاي هـ نبدأ سوا من غير مساعدة من أي حد.
بس أبويا برضه رفض.
ولما قولت لبابا بعد كده إن ده مش منطقي، وطلبت منه يحترم اختياري،
رفض تاني، واعتبر إن حبي لبسام إهانة شخصية له.
وإحنا بـ نتناقش حاول يضربني، أما ماما فـضربتني فعلًا،
وهنا قررت أمشي من بيت أهلي،
كنت بـ فكر أعمل ده بقالي فترة طويلة.
تاني يوم، سيبت البيت لمدة ست شهور،
وخلال الوقت ده كنت بـ حاول مع قرايبي إنهم يقنعوا أهلي يدوا بسام فرصة في فترة الخطوبة،
وبرضه رفضوا؛ كانوا شايفين إن مشيي من البيت إهانة تانية ليهم،
وقرروا إنهم مش هـ يدخلوني البيت تاني إلا لو سيبت بسام.
بسام كان جنبي طول الوقت ده، وعيلته كانت داعمة ولطيفة جدًا.
وبعد جهود كبيرة من قرايبي، رجعت البيت،
كنت فاكرة إننا ممكن نوصل لحل سوا، بس بسام راح لبابا تاني،
وبابا رفض حتى يكلمه في الموضوع. فـ خدنا القرار إننا نتجوز من غيرهم.
اتكلمت مع مفتي، وحكيت له كل حاجة.
قال لي إن من حقي اختار، حتى لو اختياري ده غلط، لكنه لا يزال حقي،
وإنه عنده استعداد يعقد قراننا بنفسه.
أنا وبسام بدأنا نجهز للفرح، أجرنا شقة لطيفة جنب شغلي، وعيلته فضلت تدعمنا.
خلال شهر واحد بيتنا كان خلاص جاهز.
حجزنا ميعاد الفرح، وقولنا لأهلي إننا بـ نديهم فرصة أخيرة إنهم يقدموا لنا دعمهم.
وقتها بس وافقوا يتعاملوا مع بسام وأهله،
بعد ما اكتشفوا إننا عملنا كل حاجة لوحدنا، وإننا مش محتاجينهم ماديًا.
كنت بـ حاول أقول لهم طول الوقت إني بحبهم أوي، أنا بس محتاجة حبهم وعطفهم
مش فلوسهم ولا أي حاجة، بس عمرهم ما صدقوني.
بعد كده قابلوا بسام وأهله، وخلوه يمضي على كمبيالات بمبالغ كبيرة جدًا،
عشان بس يعيد النظر تاني في جوازه مني، بس هو قبل كل شروطهم.
ساعتها وافقوا، وأخيرًا اتجوزنا في فرح جميل،
وصحابنا كانوا مبسوطين حوالينا، صحابنا الـلـي دعمونا وآمنوا بينا.
عيلة بسام كمان كانت سعيدة، بس أهلي كانوا ولا كأنهم في جنازة.
في الآخر أنا عايزة أقول بس إني بجد بحب أهلي،
وعارفة إن دي طريقتهم في إنهم يبينوا حبهم ليا.
بس من حقي إني أختار هـ عمل إيه في حياتي، وهـ يفضل دايمًا حقي.
من حقهم يشاركوني رأيهم، بس في النهاية حقي إني أقرر.
أنا لسه بـ حاول أتواصل معاهم، حتى وهم مش مرحبين بيا.
بس مش هـ بطل أحاول.